ما هي المسؤولية الاجتماعية للشركات

رغم اكتسابها شهرة عالمية واسعة في السنوات الأخيرة، ما يزال السؤال الأول الذي يتبادر إلى ذهن عامّة الناس حين ذكر “المسؤولية الاجتماعية للشركات هو: ما هي “المسؤولية الاجتماعية للشركات”؟ وبتعريف مختصر يمكن أن نقول إن “المسؤولية الاجتماعية للشركات” هي نموذج في قطاع الأعمال يدعو الشركات إلى العمل بمسؤولية وأخلاقية، لتردّ إلى المجتمعات التي تتواجد فيها بعضًا من الجميل، بدلًا من التركيز على الربح حصرًا؛ أي لتعدّل كفّة الميزان عبر اعتماد نموذج عمل أخلاقي. فهي إذًا تعني التأسيس لأنشطة تركّز على إفادة المجتمع. وبذلك، تسعى الشركات إلى الترويج للعمل ضمن بيئة ومجتمع إيجابيَين. بل وتتجاوز ذلك نحو التركيز على كيفية جني الشركات لربحها، لا كيفية صرفها له. فالهدف النهائي “للمسؤولية الاجتماعية للشركات” هو الوصول إلى القيام بتغييرات منهجية في البلد أو قطاع العمل الذي تعمل الشركة ضمنه.

 

وبالقيام بمثل هذه الأنشطة، تزداد ثقة المستهلك بالشركة بشكل طبيعي، وهو ما سيفيد الشركة على المدى البعيد. فبإفادة البيئة، والمجتمع، أو تغذية الاقتصاد عبر العمل في بيئة إيجابية، ستزيد الشركة من قيمة أسهمها على المدى البعيد، لأنها ستطبق هذه الأمور عبر تحويل مبادراتها نحو التركيز على الهموم المستقبلية ومحاولة الحدّ منها.

 

ولكي لا يتم الخلط بينها وبين الأعمال الخيرية، فإن “المسؤولية الاجتماعية للشركات” لا تعني ببساطة كتابة شيك بمبلغ من المال دعمًا لقضية ما، بل إنّ “المسؤولية الاجتماعية للشركات” تتجاوز هذا الأمر. فهي في الواقع تسعى إلى إفادة المجتمع بدأً من الداخل؛ بموظفي الشركة أنفسهم. ذلك أن مفتاح نجاح أي شركة يبدأ من داخلها، فعبر اعتماد نموذج عمل أخلاقي لن تستقطب المستهلكين الأوفياء والواعين فحسب، بل إنّها ستكسب كذلك موظفين واعين يعملون بما يتوافق ومهمّة الشركة. إذًا فإضافة إلى الجانب الإنساني، فإن الشركة المسؤولة اجتماعيًا ستقلّص من بصماتها الكربونية، وتطبّق سياسات عمل أخلاقية، وستقيم أنشطة اجتماعية-ثقافية تترك أثرًا إيجابيًا على المجتمع الذي تعمل ضمنه.

 

فائدة “المسؤولية الاجتماعية للشركات”

لقد تبيَّن بالتجربة أنّ أهمّيّة “المسؤولية الاجتماعية للشركات” قد ازدادت على مرّ السنين الأخيرة، إذ صارت المجتمعات كما الشرائح الاستهلاكية تولي الشركات التي تعتمد “المسؤولية الاجتماعية للشركات” اهتمامًا أكبر. لذا فقد صار قادة قطاع الأعمال يرون فيها فرصة لتعزيز موقعهم ومساعدة المجتمع الذي يعملون فيه في نفس الوقت. حتى أن الأمر قد وصل بالكثير من هؤلاء إلى رفض أي استراتيجيات أعمال لا تأخذ “المسؤولية الاجتماعية للشركات” بعين الاعتبار: إذ يجب أن تشكّل جزءًا مهمًا من الاستراتيجيات المطروحة، إن لم نقل الجزء الأهم في هذه الاستراتيجيات.

 

وأهمّ مثال على أهمّيّة “المسؤولية الاجتماعية للشركات” إبّان الأزمات، وكيفية استفادة الشركات منها، هي الكارثة الاقتصادية عام 2008، والتي أضرّت بشكل كبير بالشركات حول العالم. ويمكن أن نقسّم الشركات إبّان الأزمة إلى ثلاثة أقسام: شركات طبّقت “المسؤولية الاجتماعية للشركات” بشكل هامشي، وأخرى طبقتها بشكل استراتيجي، وثالثة جعلتها جزءًا أصيلًا في مهمّة الشركة وهدفها. وقد أظهرت الدراسات أنّ النموذجَين الأخيرَين كانا الأقلّ تأثّرًا بالأزمة الاقتصادية. ذلك أنّ هذه الشركات استطاعت عبر التطبيق الصحيح والواضح المعالم “للمسؤولية الاجتماعية للشركات” أن تتعامل بشكل أفضل مع المشاكل التي واجهت البيئة التي تعمل فيها، كما استطاعت أن تدير استثمارات “المسؤولية الاجتماعية للشركات” بشكل يخفّف من وطئة الكارثة التي لحقت بمجتمعهم واقتصادهم.